المعترض:

مسيح الشذوذ وجوقة الخيانة
الاسم المنقوص
كلما ذكرنا قاعدةً نحويةً مسلّما بها، بحث الأحمديون فيما هو شاذّ، لعلّهم يجدون مخرجا لأخطاء الميرزا وعُجمته وركاكته. وبهذا صار الميرزا مسيحَ البحث عن شواذّ اللغة وسقيمها.
ذكرتُ البارحة حيلتين من حيل الميرزا للتغطية على أخطائه اللغوية، ثم ذكرتُ مثالين من أخطائه موضحا أن حِيَله هذه لا تصلح للتغطية على هذه الأخطاء القاتلة، ومنها نصب اسم كان، وعدم حذف ياء الاسم المنقوص في الرفع والجرّ.
فكان أنْ كتب الأحمدي ردا جاهلا ملأه بالسباب كعادته. وملخصه أنّ هذه الياء يجوز الإبقاء عليها.
الحقيقة أنّ المرء إذا وضع في باله أنْ يردّ كيفما اتُّفق فإنه يقع في أخطاء قاتلة. وقد قلنا لهم: لتكن الحقيقة غايتنا، ولا للتعصّب للقبيلة ولا للمذهب ولا للرأي، فهو يعمي صاحبه. ولكن كيف للمعاند أن يفقه! علما أنهم لم ينبسوا ببنت شفة عن عدد كبير من المقالات في الأسبوع الأخير عن أخطاء الميرزا اللغوية القاتلة.
لقد ورد الاسم المنقوص الذي تنطبق عليه شروط حذف الياء عشرات المرات في القرآن الكريم. وقد وردت 4 كلمات منها في نهاية الآية، حيث يمكن أن يقف القارئ عليها. وقد اتّفق القرّاء عن آخرهم على حذف يائها كلها في حالة الوصل، ولكنّ ابن كثير خالفهم في حالة الوقف فقط في هذه الكلمات الأربعة، لا غير.
فيما يلي هذه الآيات التي خالف في قراءة يائها ابن كثير في حالة الوقف:
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الرعد 33، الزمر: 23، 36، غافر: 33)
{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد 11)
{مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} (الرعد 34)، (الرعد 37)، (غافر 21)
{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (النحل 96)
أما ما تبقى فلا خلاف في قراءته، وها هي بعضها:
{وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} (الرعد 10)
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} (إبراهيم 37)
{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (الشعراء 225)
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ } (البقرة 173، الأنعام 145، النحل 115)
{فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا} (البقرة 233)
{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (النساء 29)
ومنها الكلمات التالية: موصٍ، آتٍ، حامٍ، مفترٍ، قاضٍ، معتدٍ، مهتدٍ، زانٍ، راقٍ.
أما الكلمات التي أخطأ فيها الميرزا فليست مما يقف عليه القارئ، وليست قرآنا حتى نفرّق بين حالة الوقف وحالة الوصل.
أما إذا سها الشافعي في كلمة فلا يُعقل أنْ نؤسّس عليها مساوين إياها بعشرات الآيات القرآنية؛ فلا يفعل ذلك سوى أحمدي.
ولا بأس أن نتناول فيما يلي ما نقله الأحمدي بلا فهم، كالحمار يحمل أسفارا:
أولا: “جاء في “شرح الأشموني على ألفيَّة ابن مالك” ج1:
“وإنَّما لَمْ يَظْهَرِ الرَّفْعُ والجرُّ [للمنقوص] استثقالاً، لا تعذُّرًا لإمكانِهما.” انتهى
أقول: هذا يفسّر سبب حذف الياء، لأنّ الحذف إما بسبب ثِقَل النطق بالحرف، أو لاستحالة النطق به، فيذكر المصنِّف هنا أنّ السبب ثِقَل النطق لا التعذّر. لذا جاز الإبقاء عليها للضرورة الشعرية. فقوله دليلٌ لما نقول، لا العكس. ولكن الأحمديين لا يفقهون.
ثانيا:
قال الأحمدي: ((وقالَ ابن هشام ت761هـ في “أوضح المسالك” ج4 بأن الاسم المنقوص يجوز رفعه بإثبات الياء وحذفها أيضاً كما يلي:
“فإنْ كان [المنقوص] مرفوعًا أو مجرورًا؛ جاز إثباتُ يائه وحذفها؛ ولكنَّ الأرجح في المنوَّن الحذف.)) انتهى
ولكن الحقيقة أن أيمن خان النصّ مرتين:
1: لم يقل ابن هشام: ” الاسم المنقوص يجوز رفعه بإثبات الياء وحذفها أيضاً”. فهذا التلخيص محضُ كذب.
2: كان ابن هشام يتحدث عن مسألة خاصة، ويتحدث عن الوقف على الاسم المنقوص، ولم يكن يتحدث عن الاسم المنقوص مطلقا. فقد حذف أيمن السياق الخاصّ كله، وحذف العبارة التي تسبق العبارة التي اقتبسها، وهي قول ابن هشام: “”هذه ثلاث مسائل يجب فيها إثبات الياء في الوقف.”
نلاحظ أن كلمة “في الوقف” هي بيت القصيد.
وكنتُ قد رددتُ سابقا وقلتُ: “هذا يؤيد ما نقول، وإنْ قال الأرجح، لأنّه يفيد أن الميرزا يستخدم المرجوح. هذا كله على فرض صحة ما فهمه أيمن من ابن هشام، مع أنه نقل عبارته من دون أن يعود إلى كتابه. وهذه خيانة أخرى”.
وقد عدتُ إلى الكتاب فوجدتُ أنه خان مرتين.
ثالثا: قال الأحمدي: “وذهب البعض إلى أنّ إثبات الياء هو خاص بالضرورة أو القراءات، والصواب كما سنرى أن إثبات الياء في الاسم المنقوص ثابت على لغة من لغات العرب، وقد قرأ بذلك ابن كثير”.
أقول: مَن هم هؤلاء العرب غير عبارة سها فيها الشافعي أو ناسخ الشافعي أو ابن عساكر أو أحد رواته أو أخطأ، عدا عن أنّ إحدى عبارات الشافعي تُحمل على الممنوع من الصرف حيث تُجرّ بالفتحة: (خمسة معانيَ). اللغة لا تؤخذ من سهو الناس، بل القرآن هو مصدرها الأول والأساس.
لكُم أنْ تعلنوا أيها الأحمديون بين الناس أنه يجوز لغةً أن نقول: “كُلُّ والِي بعثَهُ أو صاحب سَرِيَّة”.، ويجوز أيضا: “ومرّ علينا ليالي ما كان فراشنا فيها إلا الوهاد”، و ” كبازي متقضّي على طيور الجبال”،
حتى تصبحوا أضحوكة القوم! بعد أن أصبحتم أضحوكتهم بشطبكم درس الممنوع من الصرف، بل لكم أن تعلنوا أنها الأفضل! وإلا، أليس الحَكَم العَدلُ مَن اختارها؟ وهل يختار إلا الأفضل والأبلغ؟!!
على أنكم إذا استطعتم أن تعبثوا وتكذبوا بشأن الاسم المنقوص، فماذا عن اسم إنّ واسم كان والفاعل والأسماء الخمسة وشتى أنواع أخطاء الميرزا الكارثية؟
لن نسمح للميرزا بتشويه لغتنا بعد أن أفشلناه في تشويه ديننا وقِيَمنا.

الرد:

للقارئ الكريم أن يعود إلى ردودنا منذ أول يوم وإلى هذا المقام وقابلاً إنْ شاءَ الله ليجد أن اتّهام المعترض لنا بالسب هو ظلم كبير. وهذا يكفي وبه تطوى هذه الصفحة!

أما قول ابن هشام فلم يكن نقلنا له كذباً والعياذ بالله، ومن شاء أن يتأكد من قوله إليه المصدر في كتاب “أوضح المسالك” ج4:

فإنْ كان المنقوص مرفوعًا أو مجرورًا؛ جاز إثباتُ يائه وحذفها في الوَقْف؛ ولكنَّ الأرجح في المنوَّن الحذف؛ نحو: ” هذا قاضْ “، و” مررتُ بقاضْ “، وقرأ ابنُ كثير: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي﴾، ﴿وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالِي﴾؛ والأَرجَح في غير المنوَّن الإثبات؛ كـ “هذا القاضي”، و”مررتُ بالقاضي“.” أهـ

فالأمر جائز عنده في (الوقف) على الأقل!

أما في الوصل فيجوز إثبات الياء أيضا، ولا يختص إثباتها بالوقف وحده، ودليل هذا كلام الشافعي رحمه الله، فقد ثَبَتَتْ الياءُ في مواضع وَصْلٍ عند الشافعيّ؛ نحو قوله:

وكذلك كُلُّ والِي بعثَهُ أو صاحب سَرِيَّة.

وقوله:

أليس أن تقيسهُ على ما يُجامِعُه في خمسة معاني أولَى بكَ مِن أن تقيسَهُ علَى ما جامعه في معنًى واحد.” أهـ

وكثيرًا ما يكونُ الذَّاهبونَ في تلك الحال في غيرِ سِتْرٍ من مُصَلِّي، يرَى عوراتِهِمْ.” أهـ

وقوله فيما بعدُ من الفقرةِ نفسِها:

ويستروا العوْرات من مُصَلِّي، إن صلَّى حيثُ يراهُم“. أهـ

وقد علَّقَ المحقِّق الشَّيخ أحمد شاكر على كلام الشافعي رحمهم الله فقال بأن لفظ الشافعي عربيٌّ فصيحٌ -وليس من السهو كما يظن المعترض لقلة تدبره- فقال المحقق أحمد شاكر:

و (مُصَلِّي) مكتوبةٌ في الأصلِ هنا وفيما يأتي بإثباتِ حرفِ العلَّة، وهو جائزٌ فصيح، خِلافًا لِما يَظُنُّهُ أكثرُ النَّاس.“. أهـ

كما أن لغة أهل الحجاز العربية تثبت الياء كما في المثال عند ابن كثير المكّي!

وقد وصف المحقق المعروف أحمد شاكر محقق “الرسالة” وصفَ لغةَ الشافعي بقوله:

الشافعي لغته حجة …. ولم يحفظ عليه خطأ أو لحن، واصل الربع من هذا الكتاب “كتاب الرسالة” أصل صحيح ثابت، غاية في الدقة والصحة، فا وجدناه فيه مما شذ عن القواعد المعروفة في العربية أو كان على لغة من لغات العرب لم نحمله على الخطأ، بل جعلناه شاهدا لما استعمل فيه.” أهـ

ويمكن الرجوع للفهرس الذي كتبه العلّامة شاكر بعنوان (فهرس الفوائد اللغوية) لمعرفة المواضع التي أثبت فيها الشافعي ياء الاسم المنقوص!

ونقدّم مثالاً من شعر العرب للوصل، حيث يقول الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:

أَبِيتُ عَلَى مَعَارِيَ وَاضِحَاتٍ بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ الْعِبَاطِ

(لسان العرب، حرف اللام، لوب، الجزء رقم13)

فثبتت الياء عند أدباء العرب وعلماء لغتها عند الوصل أيضا!

كذلك تعرض للمسألة أحد النحاة المعروفين وهو المرصفي في كتابه “هداية القاري” فقال بجواز ثبوت وحذف الياء في حالتَي الوقف والوصل معاً متابعةً للقرآن الكريم وخارج القرآن الكريم أيضا كما يلي:

إِثْبَاتُهَا فِي حَالَتَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ تَبَعًا لِرَسْمِهَا فِي الْمُصْحَفِ الشَّرِيفِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا ثَبَتَتْ فِيهِ رَسْمًا بِشَرْطِ أَلَّا يَقَعَ بَعْدَهَا سَاكِنٌ نَحْوَ ” سَآوِي وَيَعْصِمُنِي وَيَقْضِي وَتَوَفَّنِي وَأَلْحِقْنِي وَإِنِّي ” فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى : {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى : {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا : {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ :{إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وَمَا كَانَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ . وَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ فِي إِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ لِعَامَّةِ الْقُرَّاءِ غَيْرَ أَنَّ هُنَاكَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ يَاءً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا فِي التَّنْزِيلِ ثَبَتَتْ رَسْمًا فِي الْحَالَيْنِ وَلَهَا نَظَائِرُ حُذِفَتْ مِنْهَا وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا جَيِّدًا لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَيَذْهَبَ إِلَى حَذْفِ الثَّابِتَةِ مِنْهَا أَوِ الْعَكْسِ وَهُوَ مِنَ اللَّحْنِ. وَمِنْ تِلْكَ الْيَاءَاتِ الثَّابِتَةِ فِي الْحَالَيْنِ لِعَامَّةِ الْقُرَّاءِ الْيَاءُ فِي كَلِمَةِ ” الْأَيْدِي ” فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي مِنْ سُورَةِ ص فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} وَنَظِيرُهَا كَلِمَةُ ” الْأَيْدِ ” فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مِنْ نَفْسِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} فَإِنَّ الْيَاءَ فِيهَا مَحْذُوفَةٌ رَسْمًا وَلَفْظًا وَوَصْلًا وَوَقْفًا بِالْإِجْمَاعِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ : وَيَا أُولِي الْأَيْدِي بِإِثْبَاتٍ وُصِفْ وَيَاءُ ذَا الْأَيْدِ لِكُلِّهِمْ حُذِفْ أهـ. فَإِذَا وَقَفَ عَلَى كَلِمَةِ ” الْأَيْدِي ” الثَّانِيَةِ وَقَفَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى كَلِمَةِ ” الْأَيْدِ ” الْأُولَى وَقَفَ بِحَذْفِهَا وَالْحَذْفُ فِي هَذِهِ وَالْإِثْبَاتُ فِي تِلْكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. … ((وجواز)) حَذْفُ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَرْسُومَةٍ فِي الْمُصْحَفِ الشَّرِيفِ.” (هداية القاري إلى تجويد كلام الباري، عبد الفتاح المرصفي، الباب السادس عشر في بيان الوقف على أواخر الكلم، الجزء رقم2)

فالأمر جائز وقفاً ووصلاً، وأصل الاستشهاد كان بالجواز!

وهكذا كان قول إِمَام الكلام عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، ولكن المعترض لا يجد ردَّاً غير السبّ والشتم الذي هو سلاح العاجز!

لنقتبس من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بعض الأبيات الشعرية من قصيدة “يا عين فيض الله” لكي يقف القارئ العزيز على جمال وحلاوة وطلاوة التركيب اللغوي والبلاغي عند الإمام عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام الذي يقول مادحاً النبي ﷺ:

يـا عينَ فيـضِ اللهِ والعِــرفانِ 
يَسعَى إليكَ الخَلْقُ كالظَّمـآنِ
قوم رأوك وأمـةٌ قد أُخــــبرتْ
من ذلك البدر الذي أصـباني
يبكون من ذكر الجمـــال صبابة
وتألـمًا من لوعة الهجــران
قَــد آثروك وفارَقُـوا أحـبابَهم 
وتَباعَدُوا مِن حَلْقة الإخـوانِ
ظَهرتْ عليـــهم بَيِّناتُ رسولِهم 
فتَمزَّقَ الأهواءُ كالأوثـــانِ
قاموا بإقدام الرسول بغـــزوهم
كالعاشق المشغوف في الميـدانِ
فدَمُ الرجال لصدقهم في حُبــهم
تحت السيـوف أُريقَ كالقربانِ
جاءُوكَ مَنهُوبـيـنَ كَالـعُـريان 
فستَرتَهم بِمَلاحفِ الإيمــانِ
صــادفـتَهم قومًا كَرَوثٍ ذِلّـةً 
فجعلتَهم كَسبيـكةِ الْعِقْيـانِ
حتى انـثَنى بَرٌّ كَمِثــلِ حديقةٍ 
عَذْبِ الْمَوارِدِ مُثمِرِ الأَغصانِ
عادت بلادُ العُرْبِ نحوَ نضارةٍ
بعد الوَجَى والمَحْلِ والخسرانِ
كَمْ شارِبٍ بالرَّشْف دَنًّا طافِحًا 
فجعَلتَه في الدِّين كالنَّشـوانِ
كَمْ مُحْدِثٍ مُستـنطِقِ العِيدانِ 
قد صـارَ مِنك مُحدَّثَ الرحمنِ
كَمْ مستهامٍ لِلرَّشُوفِ تعشُّـقًا 
فجـذَبتَه جَـذْبًا إلى الفُرقانِ
أَحييتَ أمواتَ القـرونِ بِجَلْوةٍ 
ماذا يُماثِلكَ بهـذا الشــانِ
تَرَكُوا الغَبوقَ وبدَّلوا مِن ذَوقِـهِ
ذوقَ الدعاءِ بِليلةِ الأَحْــزانِ
يا لَلفتَى ما حُسـنُه وجَمالُــهُ
رَيـّاهُ يُصبِي القَلبَ كالرَّيحانِ
وجهُ المهيمِنِ ظاهِــرٌ في وجهِهِ
وشُـئونُهُ لَمَعتْ بـهذا الشانِ
لا شَكَّ أن مُحمـدًا خيرُ الْوَرى 
رَيْقُ الْكِـرامِ ونُخْبةُ الأعيـانِ
تَمَّتْ عليـهِ صِفاتُ كُلِّ مَزِيّـةٍ 
خُتِمتْ به نَعْماءُ كُلِّ زمــانِ
واللهِ إن مُحمـدًا كَـــرَدافةٍ 
وبهِ الْوُصولُ بِسُدّةِ السُّـلطانِ
هو فَخرُ كُلِّ مُطهَّرٍ ومُقــدَّسٍ 
وبه يُباهي الْعَسكرُ الرُّوحـانِي
هو خيرُ كُلِّ مُقـرَّبٍ مُتقـدِّمٍ 
والفَضـلُ بالخيراتِ لا بِزَمـانِ
ورأَيتُ في رَيعانِ عُمْري وَجهَـهُ
ثُمّ النـبيُّ بِيَقظتي لاقــاني
إني لقد أُحيِيتُ مِـن إحيـائه 
وَاهًا لإِعْجازٍ فما أَحْــياني!
يَا رَبِّ صَلِّ على نَبِيِّك دائِــمًا 
في هذه الدنيا وبَعْثٍ ثــانِ
يا سيّدي قد جئتُ بابَك لاهـفًا 
والقومُ بالإكفــار قد آذاني
اُنْظُـرْ إليّ برحمـةٍ وتحــنُّـن 
يا سـيِّدِي أنا أحقَـرُ الْغِلمانِ
يا حِبِّ إنك قد دَخَلْتَ مَحـبّةً
في مُهْجَتي ومَـدارِكي وجَناني
مِن ذِكر وَجْهِكَ ياحديقةَ بَهجَتي
لَـمْ أَخلُ في لَحْظٍ ولا في آنِ
جسمي يَطِيرُ إليكَ مِن شوق عَلا
يا ليتَ كانت قـوّةُ الطيَرانِ” أهـ

فأين من خدمة اللغة ذاك المعترض الهارب إلى الأمام والساخر من أئمة السلف المنصب نفسه قاضياً على علم أعلام اللغة الإمام الشافعي رحمه الله والجاهل باصطلاح (اللغات العربية) (يرجى مراجعة منشورنا من هنا) أينه من حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي أثبت عظمة اللغة العربية باستخدام ما لم يعد مستخدماً في اللغة من لغات وألحان العرب كالحجازية وغيرها!

واللغات العربية وألحانها متعددة واسعة واستخدام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لبعضها كان إحياء لها وتفانياً في حبّها وليس كالمعترض الذي يرى كل جميل قبيحاً وكل اعتزاز تشويها!

ولله درّ الأعشى الذي يقول في معلقته:

ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا … وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أَطَّتِ الإبِلُ

كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها…. فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

وعلى كل فالهرب إلى الأمام لن يفيد المعترضين فتيلا!

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد