المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود العربية ..96
نكتة الخطأ في جزم المضارع المنصوب ..3
حذف حرف العلة من الفعل المضارع المعتل الآخر لغير جازم تخفيفا 2
اعتراض دكتوراة وتحديات الجهل:
تقول دكتوراة الجهل ويتحدّانا أصحابها بأن المسيح الموعود عليه السلام أخطأ في ونصب الفعل المضارع المعتل الآخر في الفقرات التالية:
- ليتمّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59).
حيث حذَفَ حرف العلة خطأ رغم أن الأفعال (يبق) و(نُنج) منصوبة ويجب أن تكون (يبقى) و(ننجيَ).
الردّ:
لقد انطلقنا في ردنا السابق على هذه الجزئية من منطلق أن الأفعال المعترَض عليها هي بالفعل منصوبة وأنها كما يظن المعارضون الأفعال (يَبقَى) و(نُنجي).
وقد وجّهنا الحذف الوارد في فقرات المسيح الموعود عليه السلام لحرف العلة، على اللغة القرآنية التي تجيز حذف حرف العلة من المضارع لغير الجازم ، كما في العديد من الآيات القرآنية.
وقلنا هناك إن هذا الحذف لم يقيَّد بحرف معين لأحرف العلة، ففي الوقت الذي يتحدث فيه النحو الوافي عن حذف الياء لغير الجازم، نرى مصادر أخرى تتحدث عن حذف الواو ونرى هذا الحذف وارد في القرآن الكريم لحرفي الواو والياء.
وقلنا كذلك إن هذا الحذف غير مقيَّد لحالة الرفع بل تتحدث المصادر عن حذف حرف العلة لغير الجازم عامة، وهو ما يشمل حالتي الرفع والنصب معا.
إلا أنه ورغم ذلك فإننا لا نرى بالضرورة أن تكون هذه الأفعال المعترَض عليها منصوبة كما ظنَّها المعارضون بل قد تندرج تحت إمكانيات أخرى، فعلى اعتبار ما ذكرناه في المقال السابق هو الإمكانية الأولى تكون الإمكانيات والتوجيهات الأخرى كما يلي:
التوجيه الثاني:
أن تكون هذه الأفعال مرفوعة على اللغة التي تُهمِل أنْ الناصبة ظاهرة ومضمرة كما في القراءة القرآنية { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ } (البقرة 234) برفع كلمة يتمُّ، وقد فصّلنا الحديث عن هذه اللغة في مقالات سابقة. (يُنظر: مظاهر الإعجاز 16 ،و 60 على الروابط التالية:
نكتة إثبات النون في المضارع المنصوب أو رفع المضارع المنصوب.. 2
وبذلك تكون الفقرتان كما يلي:
- ليتمُّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103)
- أن نصطادُ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59).
وما أشبه قول المسيح الموعود عليه السلام وفق هذا التوجيه إذ يقول ( ليتمُّ حجتي) بالآية اقرآنية ( أن يتمُّ الرضاعة).
وعندها يكون الحذف لحرف العلة في الأفعال المذكورة وارد في حالة الرفع وليس النصب، وأصلها أن تكون ( ولا يبقى) و (ونُنجي) بضمة مقدرة على الألف والياء على التوالي. فحُذف حرف العلة للتخفيف كما ورد في القرآن الكريم في حالة الرفع وبيناه في المقال السابق. (يُنظر مظاهر الإعجاز 95)
كما أن هذا التوجيه نراه ينطبق على الفقرة الرابعة التي تضمنها الاعتراض وهي :
- فأوصيك أن لا تُمارِهم، ولا تخالِفْ قولهم بفهمٍ أنحَلَ وعقلٍ أقحَلَ، حمامة البشرى (2/ 5)
حيث جاء الفعل (تمارهم) مجزوما بحذف حرف العلة، رغم دخول أن على لا الناهية، وقد وجّهنا هذا الجزم على اعتبار أنْ مصدرية موصولة بـ لا الناهية أو تفسيرية أو زائدة وفي كل هذه الحالات لا تأثير لها على الجزم.
إلا أنه من الممكن أن تعتبر أن الناصبة هذه مهملة على لغة للعرب، كما بيّناه في المقالات ذات الصلة، على أن تكون اللا للنفي وليس للنهي، وعلى أن يكون الفعل (تمارهم) بعدها مرفوعا وقد حذف حرف العلة منه للتخفيف كما بيّنا ذلك سابقا، وحينها يصح للفعل المعطوف عليه أن يكون مرفوعا أيضا (ولا تخالفُ..).
التوجيه الثالث:
أن تكون الفقرة الأولى على الرفع بإهمال أن الناصبة مضمرة، ولكن بكون الفعل الصحيح (يُبقِي) وليس كما ظنّ الناشر (يَبقَى)؛ بحيث تكون الفقرة كما يلي:
- ليتمُّ حجّتي عند النحارير، ولا يُبقِ نَدْحةَ المعاذير (منن الرحمن، ص 103)
بحيث يكون الضمير العائد في (يُبقِ) عائدا إلى (حجتى) وقد ذكّر الضمير العائد وفق اللغة التي تجيز تذكير الضمير العائد على المؤنث المجازي والتي سنفرد لها مقالا خاصا تحت باب فنون التذكير والتأنيث الإعجازية.
أو قد يجوز هذا التذكير للضمير العائد وفق اللغة التي تُجيز عَود الضمير مذكرا حملا على المعنى، حيث حمل كلمة (حجتي) على معنى البرهان والدليل والإثبات؛ وهو كذلك ما سوف نفرد له مقالا خاصا عند التذكير والتأنيث.
ووفق هذا التوجيه تكون كل حروف العلة التي حُذفت من كلام المسيح الموعود عليه السلام في هذه الفقرات لهي حرف (الياء) فقط وفي حالة الرفع فقط، على إهمال أنْ المصدرية الناصبة، سواء أكانت مضمرة أم ظاهرة كما يلي:(يُبقِي/يُبقِ) و(نُنجِي/ ننجِ).
وبذلك تندرج هاتان الفقرتان تحت القاعدة التي ذكرها النحو الوافي عن جواز حذف الياء من المضارع المعتل لغير الجازم والواردة في القرآن الكريم كما في الآية : { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا} (الكهف 65).