المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود العربية ..116

فنون التذكير والتأنيث الإعجازية ..16

تخريج عشر فقرات أخرى حملا على المعنى في التذكير والتأنيث ومطابقتها لأمثلة من الأدب العربي ..5

نتابع فيما يلي تخريج الفقرات المعترض عليها من كلام المسيح الموعود عليه السلام، في مسألة التذكير والتأنيث؛ لنتابع العد من النقطة التي انتهينا إليها. سنعمد من خلال هذا المقال على تخريج الفقرات الأخرى حملا على المعنى، وفق ما بيّناه من أساليب الحمل على المعنى في التذكير والتأنيث في المقال التفصيلي ((مظاهر الإعجاز 107 على الرابط التالي: أساليب الحمل على المعنى في التذكير والتأنيث) .

لفهم الأمثلة من القرآن الكريم والحديث الشريف والأدب العربي، يرجى مراجعة المقال التفصيلي أعلاه.

ملحوظة: ما لم نشمله في العدّ تم توجيهه سابقا على توجيه آخر.

الفقرات:

199- فما لكم لا ترون ((إعصارًا أجاحت)) الأشجار؟ (الاستفتاء)

[حمل (الإعصار) على معنى (الريح) فأعاد الضمير في الفعل مؤنثا على هذا المعنى. كما في الآية الكريمة : {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (12) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (13) } (الفرقان 12-13) حيث قال عن سعير المذكر (رأتهم).]

200- وإنّ ((كلماتهم هذه ليس)) إلا بهتانٌ عليَّ. (الخطبة الإلهامية)

[ أول ما توجّه إليه هذه الفقرة هو عَود ضمير الفعل مذكرا على المؤنث المجازي وفق ابن كيسان فقال:( كلماتهم ..ليس)؛ كما يجوز عنده:” الشمس طلع”. أما التوجيه الثاني فهو بالحمل على المعنى، حيث حمَل (الكلمات) على معنى (الكَلِم أو الكلام)، وهو من قبيل حمل الجمع على معنى المفرد والمؤنث على معنى المذكر، كما في الحديث : {فَجَعَلْنَ يَنْزِعْنَ حُلِيَّهُنَّ وَقَلَائِدَهُنَّ وَقِرَطَتَهُنَّ وَخَوَاتِيمَهُنَّ يَقْذِفْنَ بِهِ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ يَتَصَدَّقْنَ بِهِ } (مسند أحمد, كتاب باقي مسند المكثرين)؛ حيث ذكّر الضمير في (به) لأنه حمَل كل ما ذكره من قبلُ على معنى (المال) أو (الحلي) أو( الشيء المذكور) . أو قد يكون حمَلها على معنى (الجمع) لأن (كلمات) جمع مؤنث سالم يجوز فيه التذكير على معنى “جمع كلمات” وفق المذهب الكوفي]

201- وحسبوا أن الله منزه عن ((تلك الاهتمام)). (نجم الهدى)

[حمل (الاهتمام) على معنى (العناية) و(الأهمية)، فأشار إليه بـ(تلك) كما في (هذه الصوت)]

202- شهدتْ لي الأرض والسماء، وأتاني العلماء الأمناء، وعرَفني قلوب العارفين، وجرى اليقين في عروق قلوبهم كأقْرِيةٍ تجري في البساتين. بيد أن بعض علماء هذه الديار ما قبلوني من البخل والاستكبار، فما ظلمونا ولكن ظلموا أنفسهم حسدًا واستعلاءً، ورضُوا بظلمات الجهل وتركوا علمًا وضياءً. فتراكمَ الظلام في قولهم وفعلهم وأعيانهم، حتى اتخذ الخفافيش وَكْرًا لجنانهم، وما ((قعد قارِيةٌ ))على أغصانهم. (إعجاز المسيح)

[ كان لا بدّ من الإتيان بهذه الفقرة كاملة ليتضح من السياق المعنى الذي قصده المسيح الموعود عليه السلام من كلمة (قارية). فبالرغم من أنّ أحد معاني (القارية) هو نوع من الطير، إلا أن أحد معانيها الأخرى هو:” الرجل الصالح أو الصالحون من الناس”. حيث جاء في المحكم والمحيط الأعظم (6/ 546)ما يلي:

“وَقيل: القارية: الصالحون من النَّاس.

وَقَالَ اللحياني: هَؤُلَاءِ قواري الله فِي الأَرْض: أَي شُهُود الله، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: هم النَّاس الصالحون، قَالَ: وَالْوَاحد: قارية، بِالْهَاءِ.”

وبالنظر إلى السياق نرى أن حضرته عليه السلام، يقارن بينه وبين علماء عصره، ويقول إنه قد أتاه العلماء الأمناء، بينما علماء عصره لم يأتهم قارية ليجلس على غصنهم. فواضح وضوح الشمس في كبد السماء، أن حضرته عليه السلام لا يقصد من كلمة (القارية) الطير الحقيقي؛ بل يستعمله كتعبير مجازي حمله على معنى “الرجل الصالح”؛ ولذا فقد جعل الفعل مذكّرا. كما أنه يصحّ القول إنه قد حمل (القارية) على معنى (الطير) المذكّر؛ فذكر الفعل وقال: قعد قارية. غير أنه من الواضح أن التعبير مجازي.]

203- وحثثتُ على ((هذا المصارعة)) كلَّ مَن يزعم نفسه من أبطال ((هذه المضمار)). (إعجاز المسيح)

[حمَل (المصارعة) على معنى (النزال) أو (التحدي) أو (السباق)؛ فأشار إليها بالمذكر (هذا). وحمل (المضمار) على معنى (الحلبة) أو (أرض المعركة)؛ فأشار إليه بالمؤنث (هذه). وهذا كله شبيه بالأمثلة:”هذه الصوت”، “هذا ربي” و “وذلك الرزية”.]

204- وحاصل الكلام أن الفاتحة حصنٌ حَصين، ونور مبين، ومعلِّم ومُعين. ((وإنها يحصّن)) أحكامَ القرآن من الزيادة والنقصان (إعجاز المسيح)

[حمل (الفاتحة) على معنى القرآن حيث من أسمائها (القرآن العظيم)، وفق قول الله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (88)} (الحجر 88)؛ كما يصح أن يكون حملها على معنى (الآي) و(الآيات) وهي جمع كلمة آية، لأنها في الحقيقة جمع آيات، وبما أن الجمع يُذكّر ويؤنث؛ عاد الضمير إليه مذكرا. أو قد يكون حملها على معنى (الحصن والنور والمعلم) بدليل السياق، أو حملَها على معنى “النصّ” أو “التعليم”، كما:صيحتك أزعجني، وكما في الآية: “سعيرا..فإذا رأتهم”(الفرقان 12-13). كما وتُخرّج هذه الفقرة على تذكير ضمير الفعل العائد على مؤنث مجازي وفق ابن كيسان]

205- أو مثلها كمثل ((بِركةٍ صغيرٍ))، فيها ماء غزير (إعجاز المسيح)

[ واضح وضوح الشمس في كبد السماء أن كلمة (صغير) واقعة عمدا ليستقيم التناسب اللفظي والسجع مع كلمة (غزير)؛ فلا سهو واقع قط هنا، بل تعمّد المسيح الموعود عليه السلام تذكير هذه الكلمة حملا لـ (البركة) على معنى (المستنقع) و(مجمّع الماء) فذكّر النعت كما في الآية الكريمة:بلدةً ميتا. أو جاء التذكير لكون صيغة فعيل بمعنى مفعول مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وهو الأرجح ]

206- وقد أتى زمان تهلكُ فيه الأباطيل ولا ((تبقى الزور والظلام)). (إعجاز المسيح)

[ لقد عرض المعترضون هذه الفقرة مجتزأة هكذا: “ولا تبقى الزور” لكي يومئوا إلى الخطأ في تأنيث الفعل (تبقى) مع كون (الزور) مذكرا. إلا أنه لا خطأ في كل هذا. فقد حمل المسيح الموعود عليه السلام كلمات (الزور) و(الظلام) على معنى الجمع خاصة لتعريفها بأل الجنسية التي لاستغراق الجنس، فحملها على معنى “مجموعة أو جماعة الزور والظلام” والجموع كلها تؤنث على معنى الجماعة وفق المذهب الكوفي لا سيما أسماء الجنس المحلى بألـ التي لاستغراق الجنس. أو قد يكون حملها على معنى (المفاسد) و(الفتن) فأنث الفعل. وكل هذا شبيه بتوجيه ابن مالك لكلمة (العمل) في الحديث: (ما العملُ في أيام أفضلَ منها في هذه الأيام) (صحيح البخاري)؛ حيث أوّل العمل بالأعمال فأنث الضمير في (منها)]

207- وقد عرفتَ أن ((الحقيقة المحمدية هو)) مظهر الحقيقة الرحمانية ( إعجاز المسيح)

[حمل (الحقيقة) على معنى (الكنه) و(الخالص) و(اليقين) فقال (هو) بالتذكير، وهذا شبيه بـ:” والعشية بارد”، من حيث تذكير الخبر للمبتدأ المؤنث؛ وشبيه بعَود الضمير مذكرا على المؤنث كما في الآية: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (9)} (النساء 9)]

208- اسم أحمد لا تتجلى (إعجاز المسيح)

[ حمل (اسم أحمد) على معنى (لفظة أو كلمة أحمد) فأنث الضمير في الفعل، وقال (تتجلى) كما في الآية الكريمة: {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (12) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (13) } (الفرقان 12-13) حيث قال رأتهم للسعير المذكر.