المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود العربية .. 135
نكتة الخطأ في جزم المضارع المنصوب .. 5
الدمج بين إعمال وإهمال أن الناصبة في نفس الكلام
اعتراض دكتوراة وتحديات الجهل:
تقول دكتوراة الجهل ويتحدّانا أصحابها بأن المسيح الموعود عليه السلام أخطأ في ونصب الفعل المضارع المعتل الآخر في الفقرات التالية:
- ليتمّ حجّتي عند النحارير، ولا يبق نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- أن نصطاد هذه الجراد مع ذراريها، ونُنج الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59).
حيث حذَفَ حرف العلة خطأ رغم أن الأفعال (يبق) و (نُنج) منصوبة ويجب أن تكون (يبقى) و (ننجيَ).
الردّ:
سبق ورددنا على هذا الاعتراض في ثلاثة مقالات سابقة وهي: مظاهر الإعجاز 95، ومظاهر الإعجاز 96 ومظاهر الإعجاز 97.
ولنا في هذا المقال أن نضيف على تلك التخريجات والتوجيهات توجيها إضافيا، وهو الدمج بين لغتي إعمال وإهمال (أن) الناصبة في نفس الكلام . فنقول أنّ هذه الجمل تتوجه مجملا على التوجيهين التاليين.
- على لغة وقاعدة عربية قرآنية، وهي حذف حرف العلة من المضارع المعتل الآخر لغير الجازم، والسبب لهذا الحذف هو إما تخفيفا وإما مراعاة للفواصل؛ وهي لغة لبعض القبائل العربية بإقرار النحو الوافي. [ينظر: مظاهر 95 و96]
- على إهمال أن الناصبة ظاهرة أو مضمرة ، والدمج بين الإعمال والإهمال في كلام واحد . كما مثّل لذلك ابن مالك في شواهد التوضيح. [يُنظر تفصيل الحديث عن هذه اللغة، ومظاهر الإعجاز 60
حيث قال ابن مالك في توجيهه الأحاديث التالية من صحيح البخاري:
- قول البراء رضي الله عنه (إذا … رفع رأسه من الركوع قاموا قيامًا حتى يرونه قد سجد) (صحيح البخاري).
- قول ابن عباس رضي الله عنهما (إني خشيت أن أُخرجَكم فتمشون في الطين) (سنن أبي داوود) (صحيح البخاري بلفظ أحرجكم)
- قول سعد (لقد اصطلحَ أهلُ هذه البَحْرة على أن يتوجُوه فيعصبونه) (صحيح البخاري) و (مسند أحمد)
قال ما يلي:
“وفي “قاموا قيامًا حتى يرونه قد سجد… لكنه جاء على لغة من يرفع الفعل بعد “أن” حملًا على “ما” اختها، كقراءة مجاهد {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} بضم الميم. وكقول الشاعر:..
أنْ تقرآن على أسماء ويحكما … مني السلام وأن لا تُشعرا أحدا
… وإذا جاز ترك إعمالها ظاهرةً، فترك إعمالها مضمرة أولى بالجواز.
وقوله “خشيت أن أخرجكم فتمشون” على تقدير: فأنتم تمشون.
ويجوز أن يكون معطوفا على “أن أخرجكم” وترك نصبه على اللغة التى ذكرتُها.
فيكون الجمع ببن اللغتين في كلام واحد بمنزلة قولك: ما زيد قائمًا ولا [27و] عمرو منطلق، فتجمع، في كلام واحد بين اللغة الحجازية واللغة التميمية.
وقد اجتمع الإهمال والإعمال في الببت المبدوء ب “أن تقرآن”.
والكلام على “فيعصبونه” كالكلام على “فتمشون”.
وفي حديث الغار (فإذا وجدتهما راقدين قمت على رؤوسهما … حتى يستيقظان متى استيقظا) وهو مثل “حتى يرونه قد سجد“. (إ. هـ) {شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح 235 – 237}
فبناء على كل هذا نوجه الفقرات أعلاه من كلام المسيح الموعود عليه السلام:
فبالاقتصار على التوجيه الأول تكون الأفعال (يبقَ) و (ننجِ) منصوبة لعطفها على المنصوب قبلها، ولكن حُذف حرف العلة تخفيفا.
ولكن بما أن حالات الحذف هذه الموجودة في القرآن الكريم مقتصرة على حالة الرفع لذا فالأرجح، أن هذه الأفعال ليست منصوبة بل مرفوعة وفق التوجيه الثاني، ثم حُذف حرف العلة تخفيفا وفق التوجيه الأول .
وبما أن أغلب المصادر وفي القرآن الكريم جاء هذا الحذف مع حرفي العلة الواو والياء، فليس من البعيد أن يكون الفعل (يَبقَ) هو في الحقيقة (يُبقِ) وفاعله ضمير مستتر يعود إلى (حجّتي) المؤنث المجازي، وذلك على مذهب ابن كيسان في تذكير الفعل المسند إلى ضمير عائد إلى مؤنث مجازي.
نورد هنا إمكانيات التحريك المختلفة لهذه الجمل:
1- نصب الأفعال كلها مع حذف حرف العلة تخفيفا
- ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يبقَ نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- أن نصطادَ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنجِ الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59)
2- رفع الأفعال كلها على إهمال أن ظاهرة ومضمرة ، مع حذف حرف العلة تخفيفا:
- ليتمُّ حجّتي عند النحارير، ولا يَبقَ نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- ليتمُّ حجّتي عند النحارير، ولا يُبقِ (حجتي) نَدْحةَ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- أن نصطادُ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنجِ الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59)
3- وهذه أرجح الإمكانيات : بنصب الأفعال الأولى على إعمال (أنْ)، ورفع الأفعال الثانية على إهمال (أنْ) ، أي بدمج الإعمال والإهمال في كلام واحد
- ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يَبقَ نَدْحةُ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- ليتمَّ حجّتي عند النحارير، ولا يُبقِ (حجتي) نَدْحةَ المعاذير (منن الرحمن، ص 103).
- أن نصطادَ هذه الجراد مع ذراريها، ونُنجِ الخلق من كيد الخائنين (إتمام الحجة، ص 59)
وهكذا تتخرج هذه الفقرات بشكل تام على لغات العرب المختلفة ولا يبقي مجال للطعن فيها.