المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية.. 121
نكتة رفع المضارع في جواب الشرط وجواب الطلب.. 3
الاعتراض:
لقد أورد المعترضون العديد من الفقرات من كتابات المسيح الموعود عليه السلام، مدّعين الخطأ فيها في رفع الفعل المضارع رغم وقوعه في جواب الطلب، وهو ما يستلزم وفق زعمهم أن يكون مجزوما. والفقرات هي:
- وقال اسجدني أعطيك دولة عظمى (نور الحق)
- فإن كنت لا تخاف الله فامْضِ على وجهك، يأتي الله بعوضك (الاستفتاء)
- وإن يَرَ خير الدين في أمرٍ مِن بذلِ روحه وإهراق دمه فيقومُ مستبشرا للشهادة (حمامة البشرى)
- أسلمي تسلمين (التبليغ)
- ثم معلوم أن المخالفة إذا بلغت منتهاها، فتزيد شقاوة المخالف يوما فيوما (حمامة البشرى)
- فإن العناد إذا بلغ كماله فيجترئُ المعاند لشدة عناده يوما فيوم (حمامة البشرى)
- فإن كنت سعيدا فتقبَلُها بعدما فهمتَها، وإن كنتَ شقيًّا فتبقى على إنكارك (حمامة البشرى)
- فكلما يُخالفونه ويتركون طريقه فيَبعدون عن طرق السعادة والصدق والصواب. (حمامة البشرى )
- وكذلك إذا أراد الله بعبد خيرا فيعطيه من لدنه قوة. (حمامة البشرى )
الرد:
لقد رددنا على هذا الاعتراض بما يتعلق بالفقرات 1و2و4 في ثلاثة مقالات مختلفة، ووجّهنا فيها ثبوت حرف العلة في المضارع المجزوم في الفقرتين الأولى والثانية، على لغة “إجراء المعتل مجرى الصحيح السالم” (يُنظر:مظاهر الإعجازية 15).
وأما الفقرة الرابعة، فقد ثبُتت النون فيها في المضارع المجزوم، على لغةٍ تثبت النون في الأفعال الخمسة في حالة الجزم (يُنظر مظاهر الإعجاز 62)؛ أو ثبتت لكون المضارع مرفوعا على الاستئناف (يُنظر: مظاهر الإعجاز 63).
وأما الفقرة الثالثة، فقد وعدت بإفراد هذا المقال الخاص لها ولأخواتها من الفقرات الأخرى 5 إلى 9 ؛ ووعد المؤمن الحرّ دين عليه لا بدّ أن يوفي به!! فهاكم الردّ المتعلق بها.
إن القاسم المشترك بين هذه الفقرات كلها هو اقتران الفعل المضارع فيها في جواب الشرط بالفاء. وقد سبق وأثبتنا جواز وصحة وفصاحة وأصالة هذا الاقتران في مقال خاص وهو مظاهر الإعجاز 65) يرجى الرجوع إليه للتحقق من الاقتباسات التي أوردناها من كتاب النحو الوافي.
ومن أهم ما ذكرناه في ذلك المقال، وأثبتناه وفق ما جاء في النحو الوافي هي الأمور التالية:
- عند اقتران الفعل المضارع في جواب الشرط بالفاء، يجب رفعه لأن العرب التزمت رفعه في مثل هذا التركيب؛ لكون الفاء المقترنة به أصلية ليست زائدة للربط، ولكونه في هذه الحال هو وفاعله في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف.
- يكون المبتدأ المحذوف إما ضميرا عائدا على مذكور قبله، أو ضمير الشأن.
- في مثل هذه الحالة لا يكون الفعل المضارع بنفسه هو جواب الشرط، بل كل الجملة الإسمية الواقعة بعد الفاء والمكونة من المبتدأ المحذوف وخبره.
- ذكرنا من بين ما ذكرناه، أن الكوفيين قد ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فقد جوّزوا رفع المضارع في جواب الشرط، دون اقترانه بالفاء وذلك على تقدير دخولها عليه؛ ويصحّ هذا الرفع عندهم سواء أكان فعل الشرط ماضيا أو مضارعا.
وبناء على كل هذا، يثبت صحة كل الفقرات التي اعترض عليها المعارضون، إذ يثبت صحة بل لزوم ووجوب رفع الفعل المضارع فيها في جواب الشرط؛ وذلك لاقترانه بالفاء وتقدير مبتدأ محذوف، مع كون المضارع وجملته في محل رفع خبر لهذا المبتدأ.
وكل هذا، يثبت جهل المعارضين في دقائق النحو هذه، ويثبت عظمة المسيح الموعود عليه السلام وعلو شأنه وإعجازه اللغوي.
وإليكم هذه الفقرات مع التقديرات المختلفة لها وفق هذا النحو :
- وإن يَرَ خير الدين في أمرٍ مِن بذلِ روحه وإهراق دمه فيقومُ مستبشرا للشهادة (حمامة البشرى) [التقدير:”وإن يرَ خير الدين ..فهو يقومُ..”]
- ثم معلوم أن المخالفة إذا بلغت منتهاها، فتزيد شقاوة المخالف يوما فيوما (حمامة البشرى) [التقدير: “فالشأن تزيد شقاوة المخالف..”]
- فإن العناد إذا بلغ كماله فيجترئُ المعاند لشدة عناده يوما فيوم (حمامة البشرى) [التقدير: :إذا بلغ كماله فالشأن يجترئ المعاند..”]
- فإن كنت سعيدا فتقبَلُها بعدما فهمتَها، وإن كنتَ شقيًّا فتبقى على إنكارك (حمامة البشرى)[ التقدير: “فإن كنتَ سعيدا فأنتَ تقبلُها..وإن كنتَ شقيا فأنت تبقى على..”]
- فكلما يُخالفونه ويتركون طريقه فيَبعدون عن طرق السعادة والصدق والصواب. (حمامة البشرى ) [التقدير: “فكلما يخالفونه ..فهم يبعدون “]
- وكذلك إذا أراد الله بعبد خيرا فيعطيه من لدنه قوة. (حمامة البشرى ) [التقدير:”إذا أراد الله ..فهو يعطيه ..”]
